قصة سيدنا شعيب عليه السلام للأطفال

قصة سيدنا شعيب عليه السلام للأطفال

بعث  الله  شعيب إلى قوم مدين وكان يعبدون الأيكة وينقصون المكيال والميزان ولا يعطون الناس حقهم فدعاهم إلى عبادة الله وحده وأن يتعاملوا بالعدل ولكنهم رفضوا واستكبروا واستمروا في عنادهم وتوعدوه بالرجم والطرد وطالبوه بأن ينزل عليهم كسفاً من السماء فجاءت عليهم الصيحة وقضت عليهم جميعاً.
وتوضح لنا قصة قوم مدين أن الدين ليس بقضية توحيد وألوهية فقط، بل إنه كذلك أسلوب لحياة الناس. ولقد أرسل الله تعالى نبي الله شعيب إلى أهل مدين. فقال شعيب {يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُه} هي  نفس الرساله  التي يدعوها كل نبي مبعوث لقومه لا تختلف من نبي إلى آخر، وتعتبر هي  أساس العقيدة، وبغير هذه الأساس يستحيل أن ينهض بناء.
بعد ان تبين  هذا الأساس. بدأ شعيبُ في توضيح أمور أخرى التي جاءت بها دعوه شعيب {وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ} بعد قضية التوحيد. ينتقل النبي إلى قضية المعاملات اليومية. قضية الأمانة والعدالة. كان أهل مدين ينقصون في المكيال والميزان. ولا يعطون الناس حقوقهم. وهي عادة قبيحة تمس نظافة القلب واليد. وكان قوم مدين يعتبرون بخس الناس أشياءهم نوعا من أنواع فنون البيع والشراء وذكاء في الأخذ والعطاء والتجارة. ثم جاء نبي الله شعيب وأوضح لهم أن هذه عادات قبيحة وسرقة. واقر لهم أنه يخاف عليهم من عذاب في الأخرة. انظر إلى تدخل الإسلام الذي بعث به شعيبُ في حياة الناس إلى الحد الذي يراقب فيه عملية البيع والشراء، قال تعالى:- {وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}, ولم يزل شعيب ماضيا في دعوته الى الله وها هو يكرر نصحه لهم بصورة إيجابية بعد صورة النهي السلبية. وإنه يوصيهم أن يوفوا المكيال والميزان بالقسطاس المستقيم وهو وينذرهم من أن يبخسوا الناس أشيائهم.
كان شعيب هو الذي يتكلم. وكان القوم  يستمعون له. توقف هو عن الكلام وتحدث القوم قال تعالى: {قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} كان أهل مدين كفارا قطاع طرق، ويسرقون المارة، ويعبدون اللأيكة وهي شجرة من الأيك. وكانوا من أسوأ الناس معاملة، يبخسون المكيال والميزان ويأخذون بالزائد ويدفعون بالناقص،انظر بعد هذا كله إلى حوارهم مع شعيب: {قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا}؟!
بهذا التهكم الخفيف والسخرية المندهشة والتعجب بأن يأمرهم أن يتركوا ما كان يعبد آباؤهم، ولقد كان آباؤهم يعبدون الأشجار والنباتات من دون التوحيد والعبودية الله سبحانه وتعالي، وصلاة شعيبُ تأمرهم أن يعبدوا الله وحده لا شريك له، وبهذا المنطق الساخر المستهزء وجه قوم شعيب خطابهم إلى نبيهم، ثم عادوا يتساءلون بدهشة ساخرة: {أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء} تخيل يا شعيب أن صلاتك تتدخل في إرادتنا، وطريقة تصرفنا في أموالنا، ما هي علاقة الإيمان والصلاة بالمعاملات المادية؟!!
بهذا التساؤل الذي ظنه قوم شعيب قمة في الذكاء. شرع بفتح قضية الإيمان وهذه المحاولة للتفريق بين الحياة الاقتصادية والإسلام، وقد بعث به كل الأنبياء، وإن اختلفت أسماؤهم، هذه المحاولة قديمة منذ تاريخ قوم شعيب، لقد رفضوا أن يتدخل الدين، في حياتهم اليومية، وسلوكهم واقتصادهم ،وطريقة إنفاقهم لأموالهم وإن حرية إنفاق المال أو إهلاكه أو التصرف فيه شيء لا علاقة له بالدين. هذه حرية الإنسان الشخصية، وهذا ماله الخاص، ما الذي أقحم الدين على هذا وذاك؟! هذا هو فهم قوم شعيب للإسلام الذي جاء به شعيب، وهو لا يختلف كثيراً، أو قليلاً عن فهم عديد من الأقوام في زماننا الذي نعيش فيه، ما للإسلام وسلوك الإنسان الشخصي وحياتهم الاقتصادية وأسلوب الإنتاج وطرق التوزيع وتصرف الناس في أموالهم كما يشاءون؟!! ما للإسلام وحياتنا اليومية؟!!
ثم يعودون إلى السخرية منه والاستهزاء بدعوته {إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} 
وانتقل الصراع إلى تحد من لونِ جديد، ذهبوا يطالبون شعيب بأن يسقط عليهم كسفاً من السماء إن كان صادقا في كلامه، ثم يسألونه عن عذاب الله؟ أين هو؟! وكيف هو؟! ولماذا تأخر؟!! سخروا منه، وانتظر شعيبُ أمر الله.
أوحى الله إليه أن يخرج المؤمنين ويخرج معهم من القرية وخرج شعيب وجاء أمره جل في علاه قال تعالى: {وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ}[ سورة هود].
هي صيحة واحدة، صوت جاءهم من غمامة أظلتهم، ولعلهم فرحوا بما تصوروا أنها تحمله من المطر، ثم فوجئوا أنهم أمام عذاب عظيم ليوم عظيم، انتهى امرهم . أدركتهم الصيحة الجبارة جعلت كل واحد فيهم يقع على وجهه في مكانه الذي كان فيه في داره، صعقت الصيحة كل مخلوق حي في القرية. لم يستطع أن يتحرك أو يجري أو يختبئ أوحتى  ينقذ نفسه من العذاب. وهكذا كان هلاك قوم شعيب بتكذيبهم اياه.
Share blog: 
التصنيفات: 
تعليم