الوسواس القهري وأسبابه وأعراضه والعلاج منه

الوسواس القهري وأسبابه وأعراضه والعلاج منه

الوسواس القهري أو( الاضطراب الوسواسي القهري ) obsessive  compulsive 

  • هو نوع من الاضطرابات المرتبطة بالقلق وهوأحد الأمراض العصابية التي يعلم فيها المريض علم اليقين بعدم صحة أفكاره ويأتي المرض عادة في هيئة أفكار أو اندفاعات أو مخاوف، وقد يكون في هيئة طقوس حركية مستمرة أو دورية مع يقين المريض بتفاهة هذه  الوساوس ولا معقوليتها، وعلمه الأكيد أنها لا تستحق منه هذا الاهتمام، ومحاولة المريض المستمرة لمقاومة هذه الوساوس وعدم الاستسلام. ولكن مع طول مدة المرض قد تضعف درجة مقاومته، وقد تترتب على إحساس المريض بسيطرة هذه الوساوس وقوتها القهرية مشاكلُ اجتماعية والآم نفسية وعقلية.
  • كما أن نسبة الإصابة بالوسواس القهري حوالي 2.5%، وترتفع في الذكور بنسبة 25% في سن الطفولة (قبل سن 15 سنة) ثم يتساوى الذكور والإناث بعد ذلك. ويظهر المرض بين سن 20 ـ 40 سنة، ويستمر من شهور إلى خمس سنوات قبل  الذهاب إلى الطبيب النفسي، حيث أن معظم المرضى يعتبرون استشارة الطبيب دليل ضعف منهم.
  • إحدى مشاكل هذا المرض هو عدم المعرفة الصحيحة بماهيته فالتشخيص الصحيح للمرض هو أول العلاج فالكثير من المرضى بالوسواس القهري لا يعرفون أنهم مصابين بمرض اختلال في الكيمياء في المخ فيتصور بعضهم أنهم إما أن الجن أو الشياطين يقومون بالتشويش على أفكارهم أو أنهم ضعيفوا الشخصية أو أن الله غاضب عليهم والمشكلة أن هذا التصور للمرض لا يؤدي إلى العلاج بل ربما إلى زيادة حدة المشكلة. أضف إلى ذلك أنه وفي بعض الأحيان (وخصوصا في عالمنا العربي) لا يقوم الكثير من الأطباء بتشخيص المرض بالطريقة الصحيحة إما لقلة اطلاعهم على المستجدات أو لعدم اكتراثهم (قد قرأت في إحدى الصفحات المختصة بمرض الوسواس القهري أن المريض في الولايات المتحدة قد يقضي 9 سنين في محاولة علاج مرضه بطرق غير صحيحة قبل أن يصل إلى التشخيص الصحيح ثم العلاج فكيف بنا نحن).
  • والمشكلة الأخرى هي أن المريض قد يحرج من أن يخبر أحدا بمرضه خوفا من أن يعتقد الناس أنه مجنون أو غريب أو ما شابه وقد يكون السبب في ذلك أنه يعتقد أنه من العيب أن يفكر بهذه الطريقة فكيف إذن يخبر الغير بذلك؟ أضف إلى ذلك أن البعض قد يتصور أن هذا المرض ليس مرضا بل قد يعتقد أن ما يقوم به إنما هو صحيح خصوصا في بعض الوساوس التي تختص بالعادات القهرية فمثلا الذي يقوم بتكرار الوضوء لاعتقاده بأنه أخطأ أو لأنه يريد أن يتقنه فيكرر ويكرر ويكرر ليس اعتقادا منه بأنه مريض بل لاعتقاده أن ما يقوم به صحيح لذلك فهو لا يقوم بالعلاج لأنه يعتقد أنه لا يحتاج إليه.

أسباب الوسواس القهري:

تشير الأبحاث إلى أن مرض الوسواس القهري يتضمن مشكلات في الاتصال بين الجزء الأمامي من المخ (المسئول عن الإحساس بالخوف والخطر) والتركيبات الأكثر عمقًا للدماغ العقد العصبية القاعدية التي تتحكم في قدرة المرء علي البدء و التوقف عن الأفكار ,اما النظريات المركزية بشان العوامل المسببة المحتملة لاضطراب الوسواس القهري فتشمل:

-عوامل بيولوجية: تتوفر بعض الادلة التي تشير إلى ان اضطراب الوسواس القهري هو نتيجة لتغير كيماوي يحصل في جسم الشخص المصاب، او في اداء دماغه. كما أن هنالك ادلة على ان اضطراب الوسواس القهري قد يكون مرتبطا، أيضا، بعوامل جينية وراثية معينة، لكن لم يتم تحديد وتشخيص الجينات المسؤولة عن اضطراب الوسواس القهري، بعد.

-عوامل بيئية: يعتقد بعض الباحثين بان اضطراب الوسواس القهري ينتج عن عادات وتصرفات مكتسبة مع الوقت.

-درجة غير كافية من السيروتونين: السيروتونين (Serotonin) هو إحدى المواد الكيماوية الضرورية لعمل الدماغ. وإذا كان مستوى السيروتونين غير كاف واقل من اللازم، فمن المحتمل ان يسهم ذلك في نشوء اضطراب الوسواس القهريوقد اظهرت أبحاث معينة اجريت خلالها مقارنات بين صور لأدمغة أشخاص مصابين باضطراب الوسواس القهري وبين أدمغة لأشخاص غير مصابين باضطراب الوسواس القهري، فرقا في نمط عمل الدماغ في كل من الحالتين. وعلاوة على ذلك، فقد تبين أن أعراض اضطراب الوسواس القهري تتقلص وتخف حدتها لدى الأشخاص المصابين باضطراب الوسواس القهري ويتعاطون أدوية ترفع من فاعلية السيروتونين.

-الجراثيم العقدية (Streptococcus) في الحنجرة: هنالك أبحاث تدعي بان اضطراب الوسواس القهري قد تطور لدى أطفال معينين عقب الإصابة بالتهاب الحنجرة (الحلق)، الناجم عن الجراثيم العقدية في الحنجرة. لكن الاراء انقسمت حول مصداقية هذه الأبحاث ومن الواجب تدعيمها بالمزيد من الدلائل حتى يتم الاقرار بان الجرثومة العقدية في الحنجرة يمكن ان تسبب، فعلا، اضطراب الوسواس القهري .

 

والوساوس أشكال وأنواع مختلفة فمنها :-

- وسّواس الصلاة: حيث يميل الفرد للشود كثيراً بالصلاة وتسيطر عليه فكرة عدم التركيز فيقوم بإعادة الصلاة مراراً وتكراراً ويلازمة الخوف بنسيان إحدى الركعات. 

 - وسواس الطهارة: في هذا النوع تسيطر على الفرد فكرة عدم طهارته أو وضوئه بالشكل الصحيح فيقوم بغسل أعضائهِ أثناء الوضوء بشكل مبالغ فيه.

- وسواس المرض: في هذه الحالة تسيطر على الفرد فكرة الخوف من المرض والعدوى من الآخرين.

 

أعراض الوسواس القهري الوسواسية:

الأعراض الوسواسية هي أفكار وتخيّلات متكررّة مرارًا، عنيدة ولا اراديّة، أو دوافع لا إراديّة تتسم بأنها تفتقر إلى أي منطق. هذه الوساوس تثير الإزعاج والضيق، عادة، عند محاولة توجيه التفكير إلى أمورٍ أخرى، أو عند القيام بأعمال أخرى.

وتتمحور هذه الوساوس، بشكل عام، حول موضوع معيّن، مثل:

- الخوف من الاتساخ أو التلوّث.

- الحاجة إلى الترتيب والتناظر.

- رغبات عدوانية جامحة.

- أفكار أو تخيّلات تتعلق بالجنس.

  وتشمل الأعراض المرتبطة بالوساوس :

- خوف من العدوى نتيجة لمصافحة الآخرين، آو لملامسة أغراض تم لمسها من قِبَل الآخرين.

- شكوك حول قفل الباب، أو إطفاء الفرن.

- أفكار حول التسبب بأذى لآخرين في حادثة طرق.

- ضائقة شديدة في الحالات التي تكون فيها الأغراض غير مرتّبة كما يجب أو أنها لا تتجه في الاتجاه الصحيح.

- تخيّلات حول إلحاق الأذى بالأبناء (أبناء الشخص الذي يتخيّل).

- رغبة في الصراخ الشديد في حالات غير مناسبة.

- الامتناع عن الأوضاع التي يمكن أن تثير الوسواس، كالمصافحة مثلًا.

- تخيّلات متكرّرة لصور إباحيّة.

- التهابات في الجلد من جراء غسل الأيدي بوتيرة عالية.

- ندوب جلدية نتيجة المعالجة المفرطة له.

تساقط الشعر، أو الصلع الموضعي، نتيجة لنتف الشعر.

أعراض قهرية لاضطراب الوسواس القهري:

الأعراض القهرية هي تصرفات متكررة، مرارًا، نتيجة لرغبات ودوافع جامحة لا يمكن السيطرة عليها. هذه التصرّفات المتكرّرة يفترض بها أن تخفف من حدة القلق أو الضائقة المرتبطة  بالوسواس. فمثلًا، الأشخاص الذين يعتقدون بأنهم دهسوا شخصًا آخر، يعودون مرارًا إلى مسرح الأحداث (مسرح الأحداث المتخيَّل الذي وقعت فيه الحادثة)، إذ أنهم لا يستطيعون التخلّص من الشكوك. وأحيانًا قد يخترعون قوانين وطقوسا تساعد على التحكّم بالقلق المستثار نتيجة للأفكار الوسواسية.

ومثل الوساوس، كذلك أيضا التصرفات القهرية ترتبط، لدى الأشخاص المصابين باضطراب الوسواس القهري، بشكل عام، بموضوع معيّن، مثل:

- الاستحمام والنظافة.

- العدّ.

- الفحص.

- الحاجة إلى تعزيزات.

- العودة على عمل معيّن عدة مرات.

- النظام.

وتشمل الأعراض المرتبطة بالتصرف القهري :

- غسل اليدين حتّى يتقشّر الجلد.

- فحص متكرّر للأبواب للتأكد من أنها مقفلة.

- فحص متكرّر للفرن للتأكد من أنّه مطفأ.

العد والإحصاء بأنماط معيّنة.

 

مضاعفات الوسواس القهري:

المضاعفات التي قد تنتج عن اضطراب الوسواس القهري ، أو التي قد تكون مرتبطة باضطراب الوسواس القهري ، تشمل:

  • أفكار انتحارية والتصرّف وفقا لها.
  • إدمان على الكحول، أو مواد أخرى.
  • اضطراب آخر ذو علاقة بالقلق.
  • اكتئاب.
  • اضطرابات في الأكل.
  • التهاب في الجلد أُرَجي عقب الملامسة نتيجة لغسل اليدين بوتيرة عالية.
  • انعدام القدرة على العمل أو التعلّم.
  • علاقات اجتماعيّة إشكالية.

 

علاج الوسواس القهري:
علاج الوسواس القهري يتطلب طريقتين رئيسيتين هما جزء لا يتجزأ من بعضهما وهي العلاج الدوائي عن طريق تناول العقارات الطبية، والعلاج السلوكي أو يسمى أيضًا العلاج النفسي.

1-العلاج السلوكي النفسي :

يعتبر هذا النوع من العلاج هو الأكثر فاعلية وتأثيرا، ويتخذ طريقة طريقة التعرض والمنع وهي تكون بالتعرض للشيء المسبب للخوف أو القلق ثم معالجة المصاب بمنع استجابته للفكرة بشكل متكرر.
على سبيل المثال: الأشخاص الذين يخافون من اهدار الوقت في الأماكن المتوقع كثرة وجود الجراثيم فيها (التعرض)، ثم يعالجون بمنع أنفسهم من الاستجابة لفكرة إعادة غسل الأيدي بشكل متكرر(المنع).

إليك بعض النصائح والأفكار المفيدة بهذا الصدد:
أولا وقبل كل شيء قد لاتحب سماع بعض هذه الأشياء لأنها قد لاتتوافق مع ما تتمناه، لكن إن كانت لديك الرغبة الحقيقية في التغير فأنت بحاجة لتقبلها، واعلم أن مفهومي تقبل الواقع والتغيير يتماشيان مع بعضهما يدا بيد.

مرض الوسواس القهري هو مرض مزمن عليك معاملته كمعاملة مرض الربو أو السكري، والتعايش معه يوميا، ويمكن وضعه تحت السيطرة والتعافي منه في وقته اللحظي. وفي حال توقفك عن علاجك السلوكي أو الطبي فأنت معرض للانتكاس ورجوع الأعراض مرة أخرى.

-الهوس أو الفكرة الوسواسية كيميائيا تحدث أفعالا عقلية هي في الحقيقة مشابهة للفكرة الواقعية الطبيعية لكنها ليست كذلك، إذن عليك أن تميز بين الفكرة الوسواسية القهرية والمخاوف أو القلق العادي يعني أن تجد دليلا واقعيا وسببا لقلقك فلا خوف منه، أما أن تكون مخاوفك يستحوذ عليها الشك وبدون أسباب مقنعة لك أنت نفسك مع تكرارها وإلحاحها عليك فهي وسواسية قهرية.

بالرغم من مقدرتك على مقاومة الفعل القهري فلن تستطيع على الأغلب منع الفكرة الوسواسية.

-هناك فكرة تلح عليك بطريقة متكررة؟ إذا أردت أن تفكر بها أقل فكر بها أكثر ! لأنك إن أردت الهروب من مخاوفك وأسباب قلقك فإن مخاوفك تزداد. الأشخاص المصابون بالوسواس القهري لا يأخذون وقتا طويلا لإدراك أن فكرتهم هذه ليست بواقعية.

عليك تقبل وجود الفكرة الوسواسية حتى وإن شعرت بتحسن وأن تتعايش معها، لكن الحل يكمن في فكرة عدم التماشي معها بالأفعال ومقاومة الاستجابة لها ولكن إن لم تستطع مقاومة تطبيقها فعليك أن تشغل نفسك بأي شيء حتى لا تقوم بتطبيقها عمليا وبشكل متكرر، قم بتغيير مكانك أو اشغل نفسك مع الآخرين.

عليك أن لا تعتمد على مساعدة الآخرين من حولك في معالجة هوسك أو مخاوفك، الفكرة تكمن في أنك دائما متواجد معك، أما في حالة اعتمادك عليهم كليا فماذا ستفعل عند إن لم يتواجدوا بالقرب منك ؟ هذا لايمنع إخبارهم بالأمر ولا يوقف دور الأسرة في تدعيم الثقة وهو دليل محبتهم لك فلا تقم بمهاجمتهم.

-بالنسبة للوسواس المتعلق بالجن فهذا أمر غير منفي وجوده في الإسلام كوسوسة الصلاة والوضوء وغير ذلك فعليك بتكرار الاستعاذة من الشيطان والإكثار من الإستغفار. قال تعالى: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ) سورة الأعراف 200. فإن الله كفيل أن يكفه عنك ويرد كيده.

-الهدف من أي علاج نفسي هو تعليم نفسك أنك المعالج الحقيقي لها، وتقبل فكرة أن المعالجة النفسية تأخذ وقتا فلا تيأس من رحمة الله.
مثال: في الوضوء أن تملأ إناءا من الماء بقدر ما يكفي للوضوء وتجاهد نفسك أن هذا الكم من الماء يكفي، وفي باب التطهر من النجاسة أن تحاول رش المكان الذي يعرض لك فيه الوسواس ثم تقنع نفسك أن ماتجده هو من أثر البلل هو من الماء وليس البول.

 

2-العلاج الدوائي:

- عادة ما يراودك هذا السؤال: ماهو الدواء الأفضل للوسواس القهري؟ الإجابة هي: هو الدواء الذي تتجاوب معه بشكل أفضل.
اعتمد على مقولة العلاج: (كل شيء قد يعمل لشخص واحد ولكن لاشيء يعمل للجميع) !

- للمعلومة فإن نسبة المرضى الذين تعالجو بواسطة العقاقير الطبية واختفت الأعراض لديهم تماما بدون علاج نفسي لا تتعدى نسبتهم ال20 % ، لذلك لاتعتمد عليها فقط بل يجب تكميل العلاج بالعلاج السلوكي النفسي والذي له الفعالية الكبرى.

تستخدم العقاقير الطبية كالفافرين والبروزاك كعلاج فعال يخفف من أعراض الوسواس القهري ولا يجب تناولها إلا بعد مراجعة الطبيب لتحديد حجم الجرعات الملائمة من الجرامات.

· سأخبرك بشيء يفيدك أيضا كنوع من العلاج المصاحب:

 

3-العلاج الغذائي:

-تناول الحامض الأميني الثيامين الموجود بالشاي، له دور في تهدئة الأعصاب والتقليل من أعراض القلق. حيث أثبتت الدراسات أنه يعمل على تغيير موجات الدماغ خلال أربعين دقيقة من تناوله.
-حاول تناول المواد الغذائية الحاوية على التربتوفان والذي يزيد من فاعلية السيروتونين في الجسم كنبات الrhodiola أو مايسمى بنبات الجذر الذهبي وهو يعتبر مضاد أكسدة ممتاز له فاعلية في عمل طاقة الدماغ.
-تناول الأطعمة المحتوية على الإينوزيتول وهو مركب يعتبر جزء من فيتامين ب المركب، أو تناول فيتامين ب 12،وأيضا ب6 أجريت دراسات على عدد من مرضى الوسواس القهري لمدة ثلاث أسابيع من تناول الفيتامين لم يحدث تغيير كبير، فتم تمديد الفترة إلى ستة أسابيع وكان الفرق واضحا. نصيحتي لك هي: عليك بتجربته.

 

 4-العلاج بالتمارين:

-أثبتت الدراسات تأثير أداء التمارين الرياضية على الصحة العقلية وذلك بممارستها يوميا لفترة لا تقل عن عشرين دقيقة فلها دور في تقليل أعراض أمراض القلق والتوتر حتى وإن كانت فاعليتها في مرض الوسواس القهري لم تثبت حتى الآن.

· وأخيرا في حال وجدت من نفسك ضعفا في مجابهة الوسواس القهري فلا تخف من مقابلة معالج نفسي لمساعدتك في تخطي المرض و أخذ الوصفة الطبية المناسبة لحالتك من الطبيب المختص. واعلم أنه ابتلاء من الله يتطلب منك الصبر والمقاومة وأنت مأجور على ذلك.

 

Share blog: 
التصنيفات: 
صحة وطب